محاكمة الفلاح - قصص أطفال - للأديب المصري اسماعيل حسانين العمدة
محاكمة الفلاح - قصص أطفال - للأديب المصري اسماعيل حسانين العمدة كان هناك فلاح يسمى علي، كان يزرع القطن طويل التيلة في حقله، وكان يحبه كثيرا. كان القطن طويل التيلة نباتا سعيدا ومزدهرا، وكان ينتج أليافا ناعمة وبيضاء. لكن في يوم من الأيام، جاءت عاصفة قوية ودمرت الحقل بالكامل، ومات القطن طويل التيلة. علي حزن كثيرا، وقرر أن يزرع نباتا آخر في مكانه. فزرع علي نبات الذرة، وأمل أن يحصل على محصول جيد. لكن الذرة لم تكن سعيدة في الحقل، فكانت تشعر بالغيرة من القطن طويل التيلة الذي كان يحظى بحب علي. فقررت الذرة أن تثأر لنفسها، وأن تتهم علي بقتل القطن طويل التيلة. فجمعت الذرة شهودا من بين النباتات الأخرى في الحقل، وطالبت بإحضار علي إلى محكمة النبات. فجاء علي إلى المحكمة، ووجد نفسه محاطا بالنباتات الغاضبة. كان رئيس المحكمة نبات الورد، وكان المدعي نبات الذرة. بدأت المحاكمة، وأخذت الذرة تسرد أدلتها على أن علي قتل القطن طويل التيلة. قالت إن علي كان يسيء معاملة القطن طويل التيلة، وأنه لم يروه بماء كاف، وأنه لم يحمه من الآفات والأمراض. قالت إن علي كان يستغل القطن طويل التيلة لإنتاج المال فقط، وأنه لم يهتم به كإحساس حي. قالت إن علي هو المسؤول عن جلب العاصفة التي دمرت الحقل، لأنه أغضب السماء بجشعه وظلمه. ثم استدعت الذرة شهودها من بين النباتات. شهد نبات المارغاريت أنه رأى علي يضرب القطن طويل التيلة بالسوط. شهد نبات الخس أنه سمع علي يشتم القطن طويل التيلة بألفاظ نابية. شهد نبات الفول أنه شاهد علي يسرق أزهار القطن طويل التيلة ويبيعها في السوق. شهد نبات الفول أنه شاهد علي يسرق أزهار القطن طويل التيلة ويبيعها في السوق. شهد نبات البطاطس أنه رأى علي يحرق بعض سيقان القطن طويل التيلة للتدفئة. شهد نبات الكركديه أنه سمع علي يخطط لتحويل الحقل إلى موقف للسيارات. وهكذا توالت الشهادات ضد علي، وأصبحت المحكمة ممتلئة بالغضب والاستنكار. جاء دور علي للدفاع عن نفسه. فقال علي: "إن كل ما قالته الذرة وشهودها هو كذب وافتراء. إنني أحب القطن طويل التيلة كثيرا، وأعتبره صديقا ورفيقا. إنني كنت أعامله برفق وعطف، وأرويه بماء نظيف، وأحميه من الآفات والأمراض. إنني كنت أستخدم أليافه لصنع ملابس جميلة لعائلتي وجيراني. إنني كنت أزرع زهوره في حديقتي لإسعاد زوجتي وأولادي. إنني كنت أحزن على موته كما يحزن الإنسان على موت أخيه." ثم استدعى علي شهوده من بين الحيوانات التي تعيش في الحقل. شهد الديك أنه رأى علي يلاطف القطن طويل التيلة ويغني له. شهد الحمار أنه سمع علي يشكر القطن طويل التيلة على ما يقدمه من خيرات. شهد الجرذ أنه شاهد علي يشارك القطن طويل التيلة بعض ثماره وخضرواته. شهد الضفدع أنه رأى علي يساعد القطن طويل التيلة على التخلص من الحشائش التي تضايقه. وهكذا توالت الشهادات لصالح علي، وأصبحت المحكمة ممتلئة بالإعجاب والتقدير. جاء دور رئيس المحكمة لإصدار حكمه. فقال نبات الورد: "بعد أن استمعت إلى كل ما قيل من قبل المدعي والمدعى عليه، وبعد أن تأملت في كل ما رأيت من أدلة وشهادات، فإن حكم المحكمة هو: براءة علي من تهمة قتل القطن طويل التيلة، وإدانة نبات الذرة بالافتراء والكذب، وإجبار نبات الذرة على دفع تعويض لعلي على ما سببته له من ضرر وأذى." ففرح علي بالحكم، وشكر رئيس المحكمة والشهود. وانزعجت الذرة من الحكم، واندبت حظها وخسارتها. وصفقت جميع النباتات والحيوانات لعلي، وأثنوا على حكمة رئيس المحكمة. وانتشر خبر المحاكمة في جميع أرجاء المزرعة، وأصبح علي مثالا للفلاح المخلص والصادق. وفي ذلك اليوم، حدث شيء غريب وعجيب. فبعد أن أنهى رئيس المحكمة حكمه، سمع علي صوتًا رقيقًا يناديه من تحت الأرض. فانحنى علي وحفر بيده في التراب، فوجد بذرة صغيرة من القطن طويل التيلة. فأخذها بحنان وقال لها: "من أنت؟" فقالت البذرة: "أنا ابن القطن طويل التيلة الذي مات في العاصفة. كنت أختبئ في الأرض خوفًا من الموت، ولكن سمعت كل ما حدث في المحكمة، وعرفت أنك فلاح طيب وصالح. فأردت أن أشكرك على ما فعلته لأبي، وأن أطلب منك أن تزرعني في حقلك، وأن تكون لي بمثابة أب." فاندهش علي من هذا الموقف، وشعر بالسعادة والفخر. فقال للبذرة: "أهلا وسهلا بك يا ابن القطن طويل التيلة. إنني سعيد جدًا بلقائك، وأوافق على طلبك بكل قلب. سأزرعك في حقلي، وسأعتني بك كما كنت أعتني بأبيك. وسأكون لك بمثابة أب، وستكون لي بمثابة ابن." فزرع علي البذرة في حقله، وسقاها وحماها. ونمت البذرة وأصبحت نباتًا جميلًا من القطن طويل التيلة. وعاد علي إلى سابق عهده، وصار يزرع القطن طويل التيلة في حقله، ويحبه كثيرًا. وصار القطن طويل التيلة نباتًا سعيدًا ومزدهرًا، ويحب علي كثيرًا. وصار علي والقطن طويل التيلة أصدقاء مخلصين، يتشاركان الفرح والحزن.